Saturday, November 03, 2007

ماذا علمتني الحياة ؟

لست من هواة قرأة كتب السير الذاتية ولاأصبر على قرأتها ولكن لكتب الاستاذ جلال أمين في نفسي واقع اخر ولذا كان حرصي كبير على قرأة السيرة الذاتية له في كتابه الأخير "ماذا علمتني الحياة"

وفي الحقيقة لم أندم على قرأته بل استمتعت به كما لم استمتع بقرأة كتاب للسير الذاتية من قبل

أنت أمام إنسان يبتعد في كتابته عن تمجيد الذات ويكتب بأسلوب بسيط ورائع عن حياته وماتعرض له فيها

يكتب عن والده ووالدته بدون تجميل فيكتب عن طباع والده الجادة والجافة وصاحب الحس الأخلاقي القوي وعن والدته الألطف معشرا والأخف ظلاً والأكثر دهاءً واشد مكراً يكتب ذلك بشكل رائع لاتستشعر فيه انه انتهك بره لوالده او والدته او انه انتهك حرمتهما بل تشعرانك امام شخص يكتب بصدق وامانة وحب ، تجده يكتب عن اخواته وعن اساتذته وعن زملائه في الصبا بنفس الأسلوب والطريقة يكتب عن قراراته الخاطئة والمصيبة بسلسة ورشاقة يكتب عنن فترة الجامعة وذكرياته في سفره للكويت وامريكا تقرأ ذلك كله فتشعر انك هو احيانا كثيرة وتشعر انه معلمك احيانا اخرى

تأثرت بالكثير مما كتب في هذا الكتاب ولكن القصة التي استهل بها كتابه تستحق ان اكتبها لشدة ماتحويه من معاني يقول في مقدمة كتابه

" منذ سنوات كثيرة، رأيت فيلما بولنديا صامتا لا يزيد طوله على عشر دقائق، ظلت قصته تعود إلى ذهنى من وقت لآخر، وعلى الأخص كلما رأيت أحدًا من أهلى أو معارفى يصادف فى حياته ما لا قِبَلَ له بردّه أو التحكم فيه.
تبدأ القصة البسيطة بمنظر بحر واسع، يخرج منه رجلان يرتديان ملابسهما الكاملة، ويحملان معا، كل منهما فى طرف، دولابا عتيقا ضخما، يتكون من ثلاث ضلف، وعلى ضلفته الوسطى مرآة كبيرة. يسير الرجلان فى اتجاه الشاطئ وهما يحملان هذا الدولاب بمشقة كبيرة، حتى يصلا إلى البرّ فى حالة إعياء شديد، ثم يبدآن فى التجول فى أنحاء المدينة وهما لا يزالان يحملان الدولاب. فإذا أرادا ركوب الترام حاولا صعود السلم بالدولاب وسط زحام الرّكاب وصيحات الاحتجاج. وإذا أصابهما الجوع وأرادا دخول مطعم، حاولا دخول المطعم بالدولاب فيطردهما صاحب المكان.

لا يحتوى الفيلم إلا على تصوير محاولاتهما المستميتة فى الاستمرار فى الحياة وهما يحملان دولابهما الثقيل، إلى أن ينتهى بهما الأمر بالعودة من حيث أتيا، فيبلغان الشاطئ الذى رأيناه فى أول الفيـلم، ثم يغيبـان شيئًا فشيئًا فى البـحـر، حيث تغمرهما الميـاه وهمـا لا يزالان يحملان الدولاب.

منذ رأيت هذا الفيلم وأنا أتصوّر حالى وحال كل من أعرف وكأن كلاً منا يحمل دولابه الثقيل، يأتى معه إلى الدنيا ويقضى حياته حاملا إيّاه دون أن تكون لديه أية فرصة للتخلص منه، ثم يموت وهو يحمله.
على أنه دولاب غير مرئىّ، وقد نقضى حياتنا متظاهرين بعدم وجوده، أو محاولين إخفاءه، ولكنه قدر كل منا المحتوم الذى يحكم تصرفاتنا ومشاعرنا واختياراتنا أو ما نظن أنها اختياراتنا.
فأنا لم أختر أبى وأمى أو نوع العائلة التى نشأت بها، أو عدد إخوتى وموقعى بينهم، ولم أختر طولى أو قصرى، ولا درجة وسامتى أو دمامتى، أو مواطن القوة والضعف فى جسمى وعقلى." انتهى كلام المؤلف

وازيد انا انه طالما ان علي ان احمله اينما ذهبت ، وليس لدي امل في التخلص منه فان علي ان اتعامل معه بافضل مايمكن التعامل وان اقبله وارضى به ولا اجعل معركتي في محاولة التخلص منه بلا جدوى فاهدر عمري في معارك خاسرة ولكن انفق جهدي في كيف اعظم من فائدة مااحمله وماقدره الله لي ليكون هو معركتى الحقيقية

أقرأو الكتاب ولن تندموا



2 comments:

aliaa abdalfatah said...

تدوينة رائعة وكلامك بصراحة استفزني لقراءة الكتاب
سعيدة بالتعرف على مدونتك

Entrümpelung wien said...

شكرا على الموضوع ..))